- القواعد المؤسسة للدستور والقوانين المرتبطة به
انطلاقا من المبادئ والأسس التي جاءت في الورقة الأولى، نؤكد على أهم القواعد المؤسسة التي يُفترض أن يتضمنها الدستور السوري القادم، والقوانين الأساسية المرتبطة به، وهي:
- سورية دولة ذات سيادة، غير قابلة للتجزئة، ولا يجوز التنازل عن أي جزء من أراضيها.
- نظام الحكم في الدولة جمهوري يقوم على حكم القانون، واحترام الكرامة الإنسانية وإرادة الشعب، والالتزام ببناء مجتمع الحرية والعدالة والأخوة والتضامن.
- تمسك الشعب السوري بوحدة مكوناته وبالحقوق الوطنية المرتبطة بالسيادة على كامل الأرض السورية ووحدتها وتحرير الأراضي المحتلة، والدفاع عنها ضد أي عدوان خارجي.
- المواطنة أساس الانتماء في الدولة، حيث يتساوى جميع المواطنين في الحقوق والواجبات بصرف النظر عن الجنس أو اللون أو الدين أو العرق أو الثروة أو الانتماء السياسي أو الحزبي. وتمنح المواطنة الحق لكل سوري، في الداخل والخارج، بالمشاركة السياسية، وفي الحصول على الخدمات التي تقدمها الدولة بلا تمييز.
- السيادة للشعب يمارسها عبر وسائل الاقتراع المقررة في الدستور، بما يسمح له بالتعبير الحر والديمقراطي عن إرادته في اختيار من يمارس السلطة نيابة عنه، على المستويين الوطني والمحلي، في إطار تداول السلطة.
- تلتزم جميع السلطات العامة باحترام الحقوق والحريات الأساسية، الواردة في الدستور والمواثيق الدولية المصادق عليها من قبل الدولة السورية، بما يضمن تنفيذها على نحو فعَّال في ظل سلطة قضائية مستقلة تضمن معايير المحاكمة العادلة.
- أساس شرعية جميع السلطات العامة في الدولة هو الخضوع لأحكام هذا الدستور والقوانين والتشريعات التي لا تتعارض مع أحكامه.
- الجيش والقوات المسلحة والشرطة وأجهزة الأمن والإدارة العامة، مؤسسات حيادية في الحياة السياسية، وتخضع في ممارسة مهامها للسلطات الدستورية. وتحدد مهمة الجيش والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية بالحفاظ على سيادة واستقلال البلاد والدفاع عن وحدة أراضيها، ويُنظم ذلك بقانون أساسي.
- تضمين الدستور تحديد عدد المناطق الانتخابية التنفيذية (ولاسيما رئاسة الجمهورية) على كافة المستويات بما لا يتجاوز ولايتين انتخابيتين متتاليتين.
- تضمين الدستور إقرار مسؤولية الحكومة أمام البرلمان وإعادة توزيع الصلاحيات بين السلطات الدستورية بما يحقق التوازن والتكامل بينها.
- إقرار وتعزيز استقلال القضاء بإخضاع سلطة تعيين القضاة وترقيتهم ونقلهم إلى مجلس للقضاء الأعلى منتخب من الجسم القضائي وفق أسس ومعايير موضوعية.
- إنشاء محكمة دستورية عليا تتمتع بالصلاحيات اللازمة لضمان عدم تعارض القوانين مع الدستور، وبما يمكن المواطنين من اللجوء إليها لضمان الحقوق والحريات الأساسية التي كفلها الدستور.
- تضمين الدستور تحرير الإعلام، حيث لا ديمقراطية بدون إعلام حر ومتنوع يكفل حرية التعبير عن الرأي في ظل قيم المجتمع السوري.
- تحترم الدولة حرية العقيدة وحرية الضمير، حرية الفكر والرأي.
- لا يُجبر أحد على الإفصاح عن دينه أو معتقداته أو أيديولوجيته.
- تحترم الدولة جميع الأديان.
- تكفل الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية دون أي قيود إلا للحفاظ على النظام العام الذي يحدده يكفله القانون.
- حرية التنقل: يحق للسوريين أن يختاروا بحرية مقر إقامتهم وأن يتنقلوا عبر أنحاء البلاد. وللسوريين حق مغادرة البلاد والعودة بحرية طبقاً لما ينص عليه القانون، ولا يمكن فرض قيود على هذا الحق لأسباب سياسية أو إيديولوجية، ولا يجوز ترتيب أي آثار قانونية على ذلك.
- حق التجمع السلمي: للسوريين حق التجمع السلمي، ولا يشترط الحصول على أي إذن مسبق لممارسة هذا الحق. وفي حالة التجمعات في الأماكن العامة والمظاهرات، يجب إشعار السلطات العامة مسبقاً بذلك، ولا يمكن لهذه السلطات أن تمنع التجمعات والمظاهرات إلا في حالة وجود أسباب مبررة تتعلق بالإخلال بالنظام العام وتشكل خطراً على الأشخاص والممتلكات.
- حق استعادة الجنسية: يستعيد المواطنون السوريون الذين حرموا من جنسياتهم لأسباب سياسية، أو عرقية، أو دينية، وأبنائهم وأحفادهم من العام 1963، جنسيتهم بناءً على طلبهم خلال عامين من نفاذ هذا الدستور. وينظم القانون إجراءات حق استعادة الجنسية.
- حق الحصول على الوثائق الشخصية: يعتبر الحق في الحصول على الوثائق التي تثبت الشخصية، بما فيها الحق في الحصول على جواز السفر، من الحقوق التي لا يمكن للسلطات العامة تقييدها بأي قيد قانوني أو إجرائي.
- تضمين الدستور الحقوق الثقافية/اللغوية للتنوع السوري
- “اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة. تعمل الدولة على حماية وتطوير اللغة العربية وتشجيع استخدامها.
- يُحدث مجلس وطني للغات والثقافة السورية بهدف حماية وتطوير اللغات الكردية والسريانية والأرمنية والتركمانية ومختلف أشكال التعبير اللغوي الثقافي السوري، باعتبارها تُشكل تراثاً أصيلاً، ومصدراً للإلهام والإغناء للثقافة السورية. تشمل صلاحيات المجلس، دراسة وسائل تثبيت لغة الأغلبية القومية في مناطقها، كلغة ثانية إلزامية، بما في ذلك التعليم الجامعي”. يحدد قانون تنظيمي/عضوي هيكلة وصلاحيات المجلس.
- تعمل الدولة للحفاظ على كافة أشكال التعبير الثقافي في اللغة الوطنية، وكذلك في تعلم وإتقان والتعبير باللغات الأجنبية الأكثر استخداماً في العالم، كأدوات للتواصل والتكامل والتفاعل مع العالم. مجتمع المعرفة، والانفتاح على الثقافات المختلفة والحضارات المعاصرة.
- تضمين الدستور الحق في تأسيس أحزاب سياسية:
” تعبر الأحزاب السياسية عن التعددية السياسية وتسهم في تكوين وإبداء الإرادة الشعبية كما تعتبر وسيلة أساسية للمشاركة السياسية. ويتم إنشاء الأحزاب وتمارس نشاطها في إطار من الحرية المكفولة بالدستور، ويُنظم ذلك بقانون أساسي يضمن:
- احترام الدستور ومبادئ السيادة الوطنية.
- أن تكون الهيكلة الداخلية لهذه الأحزاب وعملها ديمقراطياً.
- لا يجوز قيام الأحزاب على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني، أو بناءً على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون.
- لا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة سياسية أو حزبية أو انتخابية.
- لا يجوز حل أي حزب إلا بحكم قضائي”.
- تضمين الدستور الحق في الانضمام لهيئات المجتمع المدني
“هيئات المجتمع المدني من جمعيات ونقابات واتحادات تساهم في الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والاجتماعية وتعزيزها، ويتم إنشاءها وممارسة نشاطها في إطار من الحرية المكفولة بالدستور، ويُنظم ذلك بقانون أساسي يضمن أن تكون هيكلتها الداخلية وعملها ديمقراطياً، وفق الآتي
- لا يجوز ارتباط هيئات المجتمع المدني عضوياً بأي من مؤسسات الدولة أو الأحزاب السياسية.
- تحظر هيئات المجتمع المدني السرية وذات الطابع شبه العسكري.
- لا تحتاج هيئات المجتمع المدني التي تُنشئ وفق أحكام هذه المادة إلى ترخيص مسبق لممارسة نشاطها، ويتوجب أن تُسجل في سجل خاص لغرض الإشهار بعلم وخبر.
- لا يمكن حل هيئات المجتمع المدني أو إيقاف نشاطها إلا بمقتضى قرار قضائي مبرر.
- الدستور يكفل حرية الانتساب إلى هيئات المجتمع المدني، ولا يجوز إلزام أحد بالانتساب إلى نقابة باستثناء النقابات المهنية التي لا يجوز ممارسة المهنة إلا بالتسجيل بها.
- تضمين الدستور أسس لامركزية الدولة
في إطار وحدة التراب والمجتمع السوري، تُنظم الدولة وتُحكم بأسلوب من اللامركزية بما يكفل استقلال السلطات المحلية لتحقيق التنمية. وتتكون الدولة من وحدات لامركزية (المنطقة، المحافظة، البلدية….) تمثل المجتمعات المحلية، ينظمها قانون أساسي وفق الأسس الآتية:
- تمتع هذه الوحدات اللامركزية بالشخصية الاعتبارية، ويجوز أن تتمتع بعض الوحدات اللامركزية بأحكام خاصة من حيث الصلاحيات بحسب طبيعة المجتمع المحلي الذي تمثله.
- تدار هذه الوحدات اللامركزية من خلال مجالس مُنتخبة انتخاباً عاماً وسرياً ومباشراً ومتساوياً، وتختار هذه المجالس هيئاتها التنفيذية التي تكون مسؤولة أمامها،
- تتكون موازنة هذه الوحدات اللامركزية من العوائد المالية لأملاكها، ومن نسب من الإيرادات الضريبية والثروات الطبيعية المتحصلة في إطار حدودها الإدارية، إضافةً لإعانات من موازنة الدولة المركزية. ويحدد القانون الأساس آليات التكافؤ في توزيع الإعانات من الموازنة المركزية للدولة وفق معايير المساواة والعدالة والتنافسية وضرورات التنمية
- تضمين الدستور الهيئات الدستورية المستقلة
تعمل الهيئات الدستورية المستقلة على دعم الديمقراطية. وعلى كافة مؤسسات الدولة تيسير عملها. تتمتع هذه الهيئات بالشخصية القانونية والاستقلالية الإدارية والمالية، وتُنتخب من قبل مجلس نواب الشعب بأغلبية معززة، وترفع إليه تقريرا سنويا يناقش بالنسبة إلى كل هيئة في جلسة عامة مخصصة للغرض. يضبط القانون تركيبة هذه الهيئات والتمثيل فيها وطرق انتخابها وتنظيمها وسبل مساءلتها.
أهم هذه الهيئات:
- الهيئة المستقلة للانتخابات: تتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إدارة الانتخابات والاستفتاءات وتنظيمها، والإشراف عليها في جميع مراحلها، وتضمن سلامة المسار الانتخابي ونزاهته وشفافيّته، وتصرّح بالنتائج. تتمتع الهيئة بالسلطة الترتيبية في مجال اختصاصها. تتركب الهيئة من تسعة أعضاء مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة والنزاهة..
- هيئة الإعلام السمعي البصري: تتولى هيئة الإعلام السمعي البصري تعديل قطاع الاتصال السمعي البصري، وتطويره، وتسهر على ضمان حرية التعبير والإعلام، وعلى ضمان إعلام تعددي نزيه. تتمتع الهيئة بسلطة تنظيمية في مجال اختصاصها وتُستشار وجوبا في مشاريع القوانين المتصلة بهذا المجال.
- الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان: تراقب الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان احترام الحريات وحقوق الإنسان، وتعمل على تعزيزها، وتقترح ما تراه لتطوير منظومة حقوق الإنسان، وتُستشار وجوبا في مشاريع القوانين المتصلة بمجال اختصاصها. وتحقق الهيئة في حالات انتهاك حقوق الإنسان لتسويتها أو إحالتها على الجهات المعنية. تتكون الهيئة من أعضاء مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة والنزاهة ومندوب من وزارة الداخلية ومندوب من وزارة العدل.
- هيئة الإعمار والتنمية المستدامة: تُستشار هيئة الإعمار التنمية المستدامة وجوبا في مشاريع القوانين المتعلقة بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وفي مخططات إعادة بناء البنيات التحتية ومختلف مشاريع التنمية. وللهيئة أن تبدي رأيها في المسائل المتصلة بمجال اختصاصه. تتكون الهيئة من أعضاء من ذوي الكفاءة والنزاهة.
- هيئة الشفافية ومكافحة الفساد: تسهم هيئة الشفافية ومكافحة الفساد في سياسات الحوكمة الرشيدة ومنع الفساد ومكافحته ومتابعة تنفيذها ونشر ثقافتها، وتعزّز مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة. تتولى الهيئة رصد حالات الفساد في القطاعين العام والخاص، والتقصي فيها، والتحقق منها، وإحالتها على الجهات المعنية. تستشار الهيئة وجوبا في مشاريع القوانين المتصلة بمجال اختصاصها. للهيئة أن تبدي رأيها في النصوص التنظيمية العامة المتصلة بمجال اختصاصها. تتكون الهيئة من أعضاء مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة والنزاهة.
- هيئة العدالة الانتقالية والإنصاف وجبر الضرر: تتشكل هيئة العدالة والإنصاف وجبر الضرر من حقوقيين وقضاة مشهود لهم بالنزاهة والخبرة والحياد. وهذه الهيئة مكلفة بمتابعة كل ملفات المظالم والجرائم الواقعة منذ العام 2011، ولا يقبل المس في صلاحياتها بكل ما يتعلق بالدفع بعدم رجعية القوانين أو بوجود عفو سابق أو وقوع الجرم خارج أراضي البلاد أو بسقوط الجريمة أو العقاب بمرور الزمن.