س1- يجمع مراقبو الوضع السوري أن مؤسسات المعارضة السورية كالائتلاف وهيئة التفاوض لم تستطع إدارة الملف السوري مما جعله يقع تحت نفوذ الدول المنخرطة بالصراع السوري. هل لديكم تصور ملموس حول كيفية استعادة إدارة ملف الصراع من هذه الدول؟ وهل يعني ذلك العمل على تطوير المعارضة برفدها بقوى فاعلة وطنياً أم يعني إيجاد صيغة بديلة عنها؟
-
في جوهر تعامل السوريين مع الأزمة السورية لم ينظر من تصدر الواجهة السياسية خلال السنوات التسع الماضية إلى المستقبل بقدر ما نظر إلى الحاضر وبقدر ما اهتم بالانتقام الفئوي أو الجهوي أو الشخصي أو الحزبي أو بالشعبوية للوصول إلى الحكم والنفوذ عوضاً عن الاهتمام بالخلاص الوطني..ومع خوض العديد من المحاولات لفض النزاع كانت كل جولة “تفاوض” أو “تشاور” تُضعف الإرادة السورية وتهمشها وتكبلها بالمزيد من القيود والارتهان لتصبح ورقة مصالح لا سورية بيد كل من الأطراف المتورطة في الملف السوري، والاستمرار بذات النهج من الاتكال على الخارج وتفويضه مهما تعددت وتغيّرت المسميات ليس إلا استمرار في الفشل السياسي وأصبح واضحاً لدى الجميع أن الوصول إلى نهاية النهج الانتهازي الذي أثبت فشله على مدى تسع سنوات هو بداية نقطة إنطلاق الحراك السياسي الوطني الصحيح..الآن الشعب السوري المقهور والمسيّر لا يحتاج إلى تطوير المعارضات الحالية ورفدها بل إلى إعادة هيكلتها لتحقق شرط الانتماء الوطني النزيه عن أي تبعية سياسية أو تلوث بمال سياسي بالإضافة إلى تحقيقها في ذاتها البنية المدنية الفعلية التي تطالب بها. والمخرج الوحيد الذي يحافظ على الدولة السورية ووحدة أراضيها وشعبها هو الإرادة الوطنية الخالصة والجامعة لاستعادة القرار السيادي السوري في كل ما يتعلق بالوطن السوري من صياغة دستور إلى تكوين الشكل الجديد للدولة إلى ارتباط هذه الدولة بمحيطها وبالعالم. نحن في بلد غني بالمميزات من ثروات وطاقة بشرية وموقع جغرافي وامتداد تاريخي إنساني لبناء دولة شرق أوسطية مدنية حضارية ، والشرط هو تحقيق الإجماع الوطني على البناء من أجل المستقبل مع اتباع آليات تعيد لكل مواطن حقوقه الكاملة وتحمله مسؤولياته الوطنية والإنسانية، ويجب البناء بشكل أساسي على الإجماع الدولي في الشأن السوري من خلال بيان جنيف 2012 وقرار مجلس الأمن 2254 المتضمن نقاط انطلاق رئيسة ومعايير زمنية وحقوقية لإنهاء حالة الاقتتال والبدء بالعملية السياسية.
س2- المؤتمر الوطني السوري المستقل ضرورة لإعادة تصحيح المسار السياسي للمعارضة السورية. هل هناك قدرة لدى المبادرين لعقد هذا المؤتمر على حشد تمثيل وطني حقيقي يعبر عن أوسع طيف وطني سوري بمكوناته المختلفة؟ هل هناك آلية محددة للتمثيل؟.
-
لا أستطيع الإجابة عن الآخرين فالمؤتمر الذي أسميتموه ليس هو المؤتمر الوطني السوري لاستعادة السيادة والقرار الذي نسعى لعقده.بالنسبة للمؤتمر الوطني السوري لاستعادة السيادة والقرار فهو يوجه الدعوات على أساس التمويل الذاتي والتكافل البيني للمدعويين وبشرط الحضور المستقل عن أي انتماء، ولدى المؤتمر القدرة على الاستقطاب و الحشد الوطني أولاً وقبل كل شيء لأنه سوري خالص عن أي ارتباط سياسي أو مالي إقليمياً ودولياً، بالإضافة إلى التوزع الجغرافي لأعضاء اللجنة التحضيرية وما يمثلونه من حالات مجتمعية متنوعة وما يمتلكونه من استقرار وثبات فكري ورفض للشعبوية وتركيز على البناء المتين بخصوص رؤية الخلاص الوطني ، ويضاف إلى ذلك أن هذا المؤتمر سيكون له بنية تنظيمية تعطيه صفة الديمومة والاستمراية ودينامية التجدد وسيشكل في أدق مفاصله التنظيمية منصة عمل سياسي وحقوقي وفكري لكافة الوطنيين السوريين حتى وإن لم يكن لديهم صفة عضوية المؤتمر.
س3- تجري تغيرات عميقة في السياسة الروسية حيال سوريا منها تعيين ممثل رئاسي للكرملين . هل لديكم قراءة خاصة حول هذا الأمر ؟ .
-
عدا عن مصالحها الاقتصادية والجيو سياسية على شواطئ المتوسط فإن روسيا الاتحادية في الملف السوري دولة ضامنة ومسؤولة أمام المجتمع الدولي ولا بد لها من إظهار القدرة على الإدارة وحسن النوايا ومراعاة مصالح الولايات المتحدة على وجه الخصوص فيما يتعلق بهذا الملف، وهي تتخذ الاجراءات التنفيذية التي تلائم طموحاتها في المنطقة وعلاقاتها الدولية ضمن وخارج إطار الإقليم وتثبت في ذات الوقت، من خلال هذه الاجراءات، قدرتها على التعامل مع الملف السوري الذي يشكل فعلياً محور المصالح الروسية آخذين بعين الاعتبار ضرورات إقناع الرأي العام الروسي ولايمكن التنبؤ فيما إذا كان تعيين ممثل رئاسي للكرملن يعبر بشكل خاص عن تغييرات عميقة تتعلق بالأزمة السورية وحسم الموقف من الجهات السورية المتعددة من نظام ومعارضة وعسكر وأفراد التي تتعامل معها روسيا أم هو إجراء حكومي عالي المستوى لإدارة وتنسيق المصالح الروسية الخاصة ومتطلباتها المستجدة باستمرار. يصعب الفصل وتصعب معه دقة التحليل الصحيح وخاصة بوجود التباين الكبير بين ما تشيعه وسائل إعلام روسية وسورية وإقليمية وما تصرح به الجهات الحكومية الرسمية الروسية حول دواعي تعيين المبعوث الرئاسي، ولعل قدرة النظام السوري على الاستمرارية مقابل تحقق وجود بديل سياسي كفؤ لقيادة الدولة السورية وحرص روسيا على الاستقرار والأمن في سوريا ومحيطها بغض النظر عن هوية الحاكم السوري هو المقياس الأكثر واقعية الذي يعكس عمق وحقيقة التغييرات في أسلوب تعامل روسيا مع سوريا على الصعيد السياسي. لافروف يكرر في كل لقاء صحفي ان روسيا تعمل للحل السياسي على اساس ٢٢٥٤ . نحن نقول له ولغيره : لم تقولون ما لاتفعلون ؟
الأستاذة هدى المصري، ناشطة سياسية، حقوقية
عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر السوري لاستعادة السيادة والقرار