من تحت الدمار، من بؤس المخيمات وكرب الهجرة، من بيوت شبه واقفة دون ماء أو كهرباء أو نفط، في مجمعات اعتقال جماعية أو في ظل “اطلاق سراح” مُصادر، في وضع يحكمه حملة السلاح ومافيات الفساد، نحن السوريات والسوريون، نسأل أنفسنا ومجتمعنا والعالم: هل من حق السوري والسورية التمتع بالاحترام؟ هل من حقنا كبشر ما تعارفتم عليه بالأمان الشخصي؟ هل كلمة أمان مادي، أي العثور على عمل لائق من حقنا في 2022؟ هل كلمة التربية والتعليم ما زالت تشمل صنّاع الأبجدية الأولى؟ هل الضمان الاجتماعي مجرد سراب؟ والسكن المقبول حصرا بالفردوس؟ هل الحرية، التي سماها أجدادنا “أمارجي”، مجرد أسطورة؟ هل “القانون”، الذي ولد في هذه الأرض صارا حراما على أهلها؟ وهل السلام، الذي يبدأ به كل حديث بين الإنسان والإنسان في رُبانا، أصبح كفرا أو خيانة وحسب؟ هل صار الهواء النقي مجرد أبيات شعرية نتغزل بها في محيط ملوث؟
ما زال الإنسان السوري إنسانا، ومازالت حقوقه في دمنا ولحمنا وعقولنا، لا تُكتسب، ولا تورث ولا تشترى وليست للبيع أو الاستئجار..؟
كل الخراب المحيط والسرطانات القائمة، وتلك القادمة.. كل الغربان الغازية والشعوذيات المتنامية، أعجز عن أن تنتزع منا ما هو متأصل في كل إنسان، إنسانيتنا والحقوق الطبيعية المتأصلة في كل شخص منا…
لقد ولدنا جميعاً أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق.. كرمتنا الآلهة الوثنية وديانات التوحيد، وكرمنا كل عقل بشري لم تلوثه أمراض التمييز بين الإنسان وأخيه الإنسان، من لون لطائفة لدين لجنس.. فلا حدود لحقوقنا كبشر ولا تمييز فيها بين إنسان وآخر…
ليس من حق أحد أن يحرم شخصاً آخر من حقوق الإنسان حتى لو لم تعترف بها قوانين بلده، أو حكومات الأمر الواقع وأمراء الحروب والفساد، هم من سيذهب، وحقوقنا سنناضل من أجل جعلها أمرا واقعا، غير قابل للاختزال أو التصرف من أحد.
من حقنا العيش بكرامة، وهذا يعني أن من حقنا التمتع بالحرية والأمان… وحياة تليق بنا كأشخاص وكمواطنين ومواطنات، وكشعب.
الحياة من حقنا، سلامة النفس والجسد من حقنا، المشاركة الحرة في الشأن العام من حقنا، حرية التعبير والتفكير والرأي والضمير والمعتقد من حقنا، أن نجتمع في جمعية أو ملتقى أو حزب بحرية لا نقبل أن يمس هذا الحق بأية قرارات فوقية تمنعه أو تقيده.
التعليم حق أساسي لنا، والمأكل والمأوى اللائق حق أساسي لنا، الرعاية الصحية حق أساسي لنا، والعمل من أهم حقوقنا أيضا.
لنا الحق في العيش في بيئة نظيفة، وفي مكافحة التلوث والمصائب البيئية، لنا الحق في تنمية ثقافتنا وإبداعاتنا، لنا الحق في التنمية وليس الاستمرار في التدمير والدمار، لنا الحق في السلام وفي مكافحة كل أشكال العنف.
تجريم الكراهية واجب علينا، ودفن “الأحقاد المذهبية” أمانة في عنقنا، والتخلص من العفش الظلامي للقرون السالفة من مهمات جيلنا… كل المقومات الإنسانية الحضارية في ثقافتنا ملك لنا وللعالم، وكل المحطات المظلمة في تاريخنا وتاريخ العالم قيد في طريق حريتنا وتقدمنا… لا نطالب فقط ب “أنسنة” الحرب، بل برفض العنف في مختلف أشكاله، نطمح لعالم تكون السيادة فيه للعدالة على القوة، وللسلام على الحرب، وللإنسان على ما يحطم إنسانيته من استغلال وطغيان للمال والسلطان على الكرامة الإنسانية.
للتوقيع على الايميل التالي
syrnc.media@gmail.com