توافقت أهم التيارات السياسية والمدنية في سوريا على جملة قواعد تأسيسية لدولة دستورية ذات سيادة. هذه المبادئ الأساسية يقترحها المؤتمر الوطني السوري على كل السوريين، أساسا للعقد المجتمعي الجديد بين كل السوريين. إنا نقترح على كل القوى الوطنية والاجتماعية هذه المبادئ كمشروع لميثاق وطني جامع لسوريا الغد. وطن سيد كريم لكل أبنائه، يقوم على قيم الحرية والعدالة والسلام، ويعتبر الدولة كيانا تاريخيا للوعي المعرفي الحضاري قائما على الشراكة والمواطنة المتساوية والمأسسة المدنية المستقلة عن كافة مكونات المجتمع وإيديولوجياته.
- الشعب السوري واحد، عماده المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات دون تمييز بين أبنائه وبناته بسبب الدين أو القوميّة أو المذهب أو اللون أو الجنس أو اللغة، المواطنة المرتكزة على أساس وفاق وطنيّ شامل “الدين فيه لله والوطن للجميع”، حيث لا يجوز لأحد فرض دينٍ أو اعتقادٍ على أحد، أو أن يمنع أحداً من حريّة اختيار عقيدته وممارستها.
- التأكيد على حقوق الإنسان، التي تتأسّس بين السوريين على الإلتزام بالمواثيق والعهود الدوليّة لحقوق الإنسان، أي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية والثقافية والبيئية التي كرستها البشريّة، وضمان التمتّع بهذه الحقوق للمواطنين والمقيمين على السواء.
- الشعب السوري حرّ وسيّد على أرضه وفي دولته، وهما وحدة سيادية لا تتجزّأ ولا يجوز التخلّي عن أيّ شبرٍ منها، وفي مقدّمتها الجولان المحتلّ. وللشعب السوري الحقّ في النضال من أجل استعادة أراضيه المحتلّة بكلّ الوسائل التي أقرتها الشرعية الدولية لمقاومة الاحتلال.
- يتكون الشعب السوري الواحد من العرب والكورد والتركمان والأشوريين السريان والشركس والأرمن… ولهم الحق الكامل بالتمتع بالحقوق القومية المشروعة والمتساوية وفق العهود والمواثيق الدولية في ظل الدولة السورية ذات السيادة الكاملة.
- يعتز الشعب السوري بعمقه الحضاريّ والثقافي والدينيّ الثري والمتنوّع، ممّا يشكّل جزءاً صميميّاً من ثقافته ومجتمعه، ويبني دولته على قاعدة الوحدة في التنوع وحق الإختلاف، بمشاركة مختلف شرائحه دون أيّ تمييزٍ أو إقصاء.
- تشكّل الحريّات الفرديّة والعامّة والجماعيّة حقا مشروعا غير قابل للتصرف، وتكفل الدولة الحريات العامّة، بما فيها حرية الحصول على المعلومة والإعلام، وتشكيل المنظمات غير الحكومية والنقابات والأحزاب السياسية، وحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، وحرية التظاهر والإضراب والاعتصام السلمية. تثبت هذه الحريات في الدستور، وتوضع القواعد القانونية لصونها من هيمنة عالم المال أو السلطة السياسية. كما تكفل الدولة السورية احترام التنوّع المجتمعي ومعتقدات ومصالح وخصوصيّات كل أطياف الشعب السوري، وتقرّ بالحقوق الثقافية والسياسية لكلّ مكوّناته وتطلّعها للتطور والرعاية.
- يكفل الدّستور حياديّة الدّولة تجاه الدّين والمؤسّسات الدينيّة، بما يضمن فصل مؤسّسات الدّولة عن المؤسّسات الدّينيّة، وعدم توظيف السّلطة للدّين، أو استغلال الدّين للسّلطة. وتستوجب حماية الإنسان وكرامته وسلامته على أرض سوريا، تجريم المذهبية والطائفية السياسية والإرهاب والعنف.
- حماية البيئة والتراث الوطني والإنساني في سوريا جزء لا يتجزأ من حماية الإنسان والوطن.
- إقرار مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الدستور الوطني، ويضمن الدستور إزالة كافّة أشكال التمييز ضد المرأة، ويؤكد على ضرورة خلق المناخ التشريعي والقانوني الذي يؤمّن تمكينها ومشاركتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً فيما يتفق مع كلّ المواثيق الدوليّة ذات الشأن بما فيها اتّفاقية سيداو.
- الـتأكيد على احترام الدولة والدستور والقوانين لاتفاقية حقوق الطفل والتزامها، ووضع المعايير والسياسات الضرورية للرعاية الصحية والنفسية والتعليمية والخدمات الاجتماعية والمدنية والقانونية المتعلقة بالطفل.
- التأكيد على احترام حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة والجرحى والمعاقين، وتوفير مسلتزمات المشاركة التامة في العمل والنشاطات العامة والتواصل الاجتماعي والثقافي.
- سوريا جزء من المنظومة الدولية وهي عضو مؤسّس في هيئة الأمم المتحدة والمنظمات المتفرّعة عنها، ولذا فهي ملتزمة بميثاقها، وتسعى مع غيرها من دول العالم لإقامة نظام دولي بعيد عن جميع النزاعات المركزية والهيمنة والاحتلال، نظام قائم على التوازن في العلاقات وتبادل المصالح والمسؤولية المشتركة في مواجهة التحديات والأخطار العامة التي تهدّد أمن وسلام العالم. وهي عضو مؤسّس في جامعة الدول العربيّة، تتطلّع إلى توثيق مختلف أشكال التعاون مع البلدان العربيّة وكافّة شعوب ودول المنطقة.
- الشعب هو مصدر الشرعية، والعدل أساس الحكم الرشيد. تتحقق السيادة السورية في الربط العضوي بين الوطن والمواطن، في ظلّ نظامٍ جمهوري ديموقراطي ودولة مواطنة مدنية؛ دولة ينظم الدستور عقدها المجتمعي ويسودها القانون وتقوم على المؤسسات، ولا يجوز فيها الاستئثار بالسلطة أو توريثها بأيّ شكلٍ كان.
- تقوم مؤسّسات الحكم في الدولة السورية على أساس الانتخابات الدوريّة الحرة والنزيهة والفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، ودسترة الهيئات الرقابية المستقلة، وعلى مبدأ تداول السلطة عبر الانتخاب السرّي والحرّ، واحترام نتائج الانتخابات التي تنظمها هيئة عليا مستقلة ويقرر نتائجها صندوق الاقتراع.
- يقرّ الدستور الجديد أسس النظام الديموقراطي المدني ونظام انتخاب عصريّ وعادل يضمن حق مشاركة كافّة التيارات الفكرية والسياسية، ضمن قواعد تؤمّن أوسع تمثيل للشعب واستقرار النظام البرلماني، وتضبط بشكلٍ دقيق الموارد المالية وإنفاق الأحزاب والجماعات السياسية.
- الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية التي تحمي البلاد وتصون استقلالها وسيادتها على أراضيها، تحرص على الأمن القومي ولا تتدخّل في النشاطات السياسية، وتحدد وظيفة أجهزة الأمن في نطاق حماية المواطن والوطن واحترام حقوق الإنسان الأساسية.
- تعتمد الدولة مبدأ اللامركزية الإدارية، بحيث تقوم الإدارة المحلية على مؤسسات تنفيذية تمثيليّة تدير شؤون المواطنين والتنمية في المحافظات والمناطق، بهدف الوصول إلى تنمية مستدامة ومتوازنة.
- تحمي الدولة أشكال تنظيم المجتمع المدني المختلفة، وتضمن تمثيلها ومشاركتها في القرارات التنفيذية والتشريعية وبناء السلطة القضائية المستقلة والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وهيئات المصالحة والمحاسبة والشفافية والرقابة الوطنية.
- تصون الدولة الملكية الخاصة، التي لا يجوز الاستيلاء عليها إلاّ للمنفعة العامة ضمن القانون ومقابل تعويض عادل، ويمنع القانون أي شكل من أشكال تجيير المال العام لمصالح خاصّة.
- تصون الدولة المال العام والملكيّة العامّة لمنفعة الشعب، وتقوم سياستها على العدالة الاجتماعية ورفع مستوى التنمية البشرية، وحماية الجماعات المستضعفة وإعادة توزيع الدخل والثروة عبر النظام الضريبي بين الفئات الاجتماعية وبين المناطق بما يرفع من مستوى دخول الفقراء ومستوى المناطق المهمشة، وكذلك على ضمان حريّة الاستثمار وفتح مجالات جديدة أمام المستثمرين والمبادرة الاقتصادية والمنافسة وتكافؤ الفرص وفتح الأسواق ضمن ضوابط تكافح الاحتكار والمضاربات وتحمي حقوق العاملين والمستهلكين.
- تضع الدولة السورية في مقدمة التزاماتها ومسؤولياتها الوطنية، تطوير وتحديث برامج التربية والتعليم، بما يستجيب لضرورة إعداد أجيال المستقبل المزودة بكل المعارف النظرية والتطبيقية والخبرات، التي تؤهلها لقيادة عملية التنمية في البلاد. إن نشر الثقافة العصرية الهادفة إلى تطوير الوعي الشعبي المستند على القيم العقلانية والموضوعية مهمة أساسية للدولة والمجتمع ومن واجب الدولة القضاء على الأمية.
- تولي الدولة السورية كل اهتماماتها لانتهاج سياسة عملية فعالة ترمي لتحقيق التواصل والتفاعل والتكامل بين السوريين المهاجرين والمغتربين، ووطنهم الأم، على أفضل وجه ممكن باعتبارهم جزءا أصيلا من شعبهم. بما يؤمن مساهمتهم الفعالة في خدمة وتنمية وطنهم والدفاع عن قضاياه العادلة وتقديم كل الخدمات الممكنة لهم. وفي هذا المجال فإن على الدولة أن تضع وتنفذ كل السياسات التي تحفز وتشجع كل الكفاءات والكوادر التي اضطرت لهجرة وطنها، للعودة إليه للمساهمة في معركة إعادة الإعمار والتنمية وتأمين الإستفادة من خبرات وإمكانيات من لا تسمح لهم ظروفهم بالعودة القريبة.
- تلتزم الدولة السورية بإزالة كافّة أشكال الفقر المدقع والتمييز ومكافحة البطالة بهدف التشغيل الكامل، الكريم، اللائق، والإنصاف في الأجور، وحماية البيئة، وتأمين الخدمات الأساسيّة للمواطنين.