التربية والتعليم واقع وآفاق

مدخل

في كل النزاعات المسلحة، تدفع الجماعات المستضعفة (الأطفال والنساء والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة…) الثمن الأغلى والأكثر فداحة على مستقبل الوطن والمواطن. ولا تشكل الحالة السورية استثناء لهذه القاعدة بل تؤكدها بشكل مأساوي. فقد كان الأطفال والمراهقين، تلامذة وطلبة، لاجئين أو نازحين أو باقين في مناطق الصراع، ضحية سيدفع السوريون فاتورتها لأكثر من جيل قادم. فخلال تسع سنوات، ووفق إحصاءات اليونيسيف والإسكوا والمفوضية العليا للاجئين نجد أمام أعيننا أرقاما كارثية لما آل إليه وضع الأطفال والشبيبة من الناحية التعليمية والتربوية. لنستعرض سريعا بعض هذه المعطيات:

– أكثر من ثماني ملايين طفل سوري تأثروا بالحرب منهم ثلاثة ملايين تقريباً خارج المدرسة سواء كان في الداخل أو في الخارج.

– بلغت أضرار قطاع التربية 7400مدرسة دمرت أو خرجت من الخدمة، 1900 مدرسة حولت إلى مراكز إيواء أو مقرات عسكرية .

– تفاقمت ظاهرة التسرب من المدرسة بسبب الأوضاع المعيشية والتنقل والنزوح القسري هروباً من المواجهات المسلحة.

– اختلفت أشكال مواجهة هذه المشكلة باختلاف الجغرافيا: تعليم حكومي، تعليم ما يسمى مناطق الإيواء، تعليم تحت الرقابة الإيديولوجية في المناطق الواقعة تحت سيطرة قسد، مدارس إعداد دينية وعسكرية للأشبال في مناطق المنظمات الإرهابية الجهادية، تعليم مقتبس من المناهج التدريسية في مناطق اللجوء في دول الجوار… إلخ. وفي كل المناطق، لم نشهد أي تقدم في حيادية التعليم وأنسنته وحداثته.

– نصف عدد اللاجئين السوريين من الأطفال، وأقل من نصف هؤلاء أتيحت له فرصة التعليم. وفي الداخل السوري، قدرت اليونيسيف التي أطلقت حملة “لا جيل ضائع” عدد الأطفال خارج الكادر التعليمي بمليون طفل في 2015.

– واجهت الأجهزة الأمنية المبادرات الشعبية لإعادة تأهيل وترميم المدارس في مناطق المصالحات في الغوطة ودرعا والقنيطرة الأمر الذي حال دون تحسن نسب الأطفال الملتحقين بالمدارس في العامين السابقين.

– ما زال نزيف الجهاز التعليمي مستمرا في تصاعد مع هجرة واستقالة وفقدان حياة عشرات الآلاف من المعلمين، ناهيكم عن إلحاق قسم هام من المعلمين للإحتياط في الجيش والقوات المسلحة.

– المناهج بشكل عام، لم يطرأ عليها أي تحسن أو تغيير إيجابي منذ 2011، فلم تستفد من منتجات العصر والتطور العلمي التكنولوجي وتطور علم النفس التربوي ومدارس التربية والتعليم وفلسفة التعليم بشكل عام ، كما أن غياب الديمقراطية في التعليم تشمل واقع التربية والتعليم بكل مفاصله بدءً من القوانين والأنظمة وصولاً إلى التقويم والقياس مروراً بالإدارات والمناهج. وتشمل المأساة المدارس في مناطق إدلب وشرقي الفرات. حيث جرى إغلاق المدارس التي لا تتوافق برامجها مع إدارات الأمر الواقع، إضافة إلى تمويل مدارس أصولية خارج العصر والحداثة.

– نتيجة لهذا الوضع، يتطلب التسريع في معافاة المجتمع تطويراً ملموساً وسريعاً في التربية والتعليم بكل مكوناته لأن أي تغيير إيجابي في المجتمع وتنفيذ خطط التنمية في كل جوانبها وأشكالها يرتبط بعدة عوامل أهمها التربية والتعليم وقد آن الأوان للتمييز بين المدرسة القديمة التي ربت وعلمت رجل سلطة رجل ينفذ الأوامر وبين المدرسة الحديثة التي تبني الإنسان، المواطن، رجل مجتمع – وللنجاح لا بد من أن تستقل التربية والتعليم عن الإيديولوجيات السياسية والحزبية والفئوية والقومية والدينية وغيرها وتحتكم فقط لمبادئ حقوق الإنسان وتهتم بكرامة المواطن وحرياته والعدالة والمساواة والديمقراطية  …. إلخ) ويبدأ ذلك من إلزامية التعليم الابتدائي مع مجانية التعليم والمساواة في معايير قبول الطلاب في المدارس والجامعات وحرمة المدارس والجامعات ومنع تشكيل أي جسم مسلح داخلها وتشكيل هيئة عليا مختلفة الاختصاصات وبين الوزارات المعنية لتوجيه التعليم المهني والاختصاصي بشكل يستجيب للحالات الضرورية لإعادة البناء والنهوض الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي في البلاد.

إن التغيرات التي شهدها مطلع القرن الحادي والعشرين في المجالات السياسية، الاقتصادية، العلمية، التكنولوجية، الثقافية، وغيرها، تستدعي تعزيز الإفادة من الإيجابيات التي أفرزتها هذه المتغيرات، والتقليل إلى حدّ كبير من المخاطر، وإعادة رسم مشهد التنمية وخصوصاً التنمية البشرية والتنمية المستدامة حصراً، لأن العنصر البشري هو المصدر الحقيقي لثروة الأمم والمحرك الأساسي للتنمية بكل مجالاتها وأشكالها. ولما كان التعليم، بكل مراحله، مركز الإشعاع الفكري والطريق الضروري للتنمية فلابد من الارتقاء به من حيث تطوير العاملين فيه ورفع كفاءتهم الإدارية والأكاديمية وتنمية معارفهم وقدراتهم ومهاراتهم وتغيير اتجاهاتهم، من خلال تبنّي وجهات نظر جديدة تجاهها. ولتحقيق التنمية المستدامة لابدّ من وجود إرادة سياسية واستعداد لدى المجتمع والأفراد لتحقيقها، فهي عملية مجتمعية يجب أن تساهم فيها كلّ الفئات والقطاعات والجماعات بشكل متناسق. فالفرد بأي موقع كان له دور في تحقيقها، وكذلك الأسرة لأهميتها التربوية في بناء الجيل، وكذلك المجتمع باعتباره المحرك الأساسي والمحور في عملية التنمية المستدامة، مجتمع يتسم بالوعي ومتفهم لحقوق وواجبات جميع المواطنين، مجتمع متكامل تتحقّق فيه المساواة والعدالة.

     لماذا نركّز على التربية في عملية التغيير؟

 لأن التغيير يبدأ بعالم الأفكار عند الإنسان، لذلك فالتغيير عملية تربوية تتمّ من خلال إحلال أفكار إيجابية بنّاءة، وكلّما تعمقت الناحية التربوية وتأصَّلت خلقت ثقافة جديدة في المجتمع تدفع إلى إحداث التغيُّر المطلوب، فالتربية أداة التغيير في المجتمع، وأيّ تغيّر في منظومة القيم السائدة في المجتمع لابدّ أن يبدأ من المؤسسات التربوية بشكل أساسي، وبذلك يمكن للتربية أن تكون طوق النجاة. ويتجلّى دور التربية في إحداث التغير الاجتماعي بما يلي:

1_ بناء الرؤية الفكرية الدافعة للتغيير والتقدم في المجتمع.

2_ إكساب الفرد القيم والاتجاهات التي تسهم في إحداث التغير وتقبّل نتائجه.

3_ تنمية مواهب وقدرات الفرد.

4_ تعلّم طرائق التفكير.

5_ تكوين عقلية الإنسان.

6_ توعية الأفراد بالواقع ومشكلاته.

7_ المواءمة بين الأصالة والمعاصرة.

 إذاً، إن حاجتنا إلى تربية هادفة كحاجتنا إلى خبزنا اليومي.

–  واقع التربية :

– التعليم عندنا يعزّز الإخضاع، لأنّه قائم على التلقين، ويهدف التلقين إلى غرس ميل التسليم بما يتعلّمه الفرد ويحفظه دون تساؤل أو تفهّم، فيصبح العقل أداة ترديد وحفظ بدلاً من أن يكون وسيلة تحليل ومعرفة ونقد. عندما نعلّم أطفالنا الطاعة وتنفيذ الأوامر وحسن التصرُّف نكبِّل عقولهم ونحدّ من نموّهم الذهني الطبيعي، ولا يمكن التغيير الاجتماعي إلّا بوضع حدٍّ للإرهاب الذي يمارسه المجتمع على أطفاله بواسطة الآباء والأمّهات والسلطة الحاكمة على الشعب. يتم التغيير الاجتماعي عندما نضمن لأجيالنا قدراً كافياً من الحرية والاستقلال ليتعلّموا كيف يتدبّروا أمورهم بأنفسهم دون ضغط أو إلزام، وكيف يتحمّلون مسؤولية أعمالهم ويجابهون مشكلاتهم دون خوف أو تهرب، ودون ذلك لا نغيّر سوى المظاهر الخارجيّة، وبالتالي نبقى كما نحن عائلات وعشائر وطوائف متنافرة في مجتمع متفسّخ عاجز عن مجابهة التحدي الحضاري وعن القيام بمهماته الأساسيّة تجاه نفسه وتجاه العالم. فالنظم التربوية والثقافية العربية السائدة تُخرّج إنساناً يبقى في أيام السلم سجين ثقافة الصمت والتلقين وتنفيذ الأوامر والعزلة عن الأحداث والجري وراء الولاءات العصبية والاهتمامات اليومية المُلحّة، ويُفاجأ بالأحداث فيواجهها بالانفعال وردود الفعل التلقائية، ويشتغل بمعالجة أوراق الأزمة ويغفل عن جذورها الضاربة في النفوس الممتدة في المفاهيم والمعتقدات والتقاليد والعادات والثقافة والعلاقات السائدة. فالنظام التربوي يسهم بشكل رئيسي في فاعلية النمو الاقتصادي والاجتماعي، والنضج شرط أساسي في فاعلية الإنسان وقدرته على تحقيق الإنجازات وحمل المسؤوليات ونجاح المشروعات، ولتحقيق التجديد وتنمية الفاعلية عند الفرد يجب أن تعي المؤسسات التربوية كيفية تحقيق النضج الكامل في شخصية إنسانها من خلال اعتماد التربية الواعية التي لا تعمل على خلق شخصية ناضجة ذات عادات عقلية ونفسية وجسدية فاعلة فقط، بل ترسم خرائط الأمة القادرة على تعبئة جهود أفرادها وتنظيمها في شبكة علاقات اجتماعية تيسّر عمل المؤسسات التنفيذية كالمؤسسة السياسية والاقتصادية والعسكرية لتنفيذ المبادئ والاتجاهات التي تقترحها المؤسسة التربوية، لأن الأساس في فاعلية المؤسسات التنفيذية في أيّ مجتمع هو فاعلية مؤسسة التربية، لماذا؟ لأنها هي التي تعدّ العاملين في المؤسسات الأخرى، ومقياس تفوق مجتمع على آخر يكون بتفوق المُربّين والمؤسسات التربوية على نظائرهما في المجتمع الثاني، لذا فنحن بحاجة إلى التربية التجديدية التي تعمل على تجديد معلومات المُتعلِّم ومهاراته العقلية والعملية واتجاهاته الإرادية إلى درجة يتمكّن فيها من إقامة علاقات مع الآخرين على أساس من التكامل والفهم المستقل والوعي المتفتح القادر على ابتكار الوسائل اللازمة لمواجهة تحديات الزمان والمكان والمشاركة في صنع قراراته المتعلّقة بحاضره ومستقبله. أما تربية القولبة العقلية والتسخير الإرادي، التي تقوم على سياسات تعليمية ضبابية تتملّق النخبة الحاكمة المتسلّطة. وتعمل مؤسساتها  طبقاً لإملاءات القائمين عليها ومدى قدرتهم على توفير الولاء للنخبة المتسلّطة،

فالحكومات الحزبية الضيقة والمستبدة  تعمل على صبّ فكر مُنتقى في قوالب جامدة من التفكير، وتوجه إرادة الإنسان من بدلاُ من أن تكون حرة إعداد قطعان بشرية سهلة الحشد والتوجيه لما فيه رغبات الأب المتسلّط والمدير المتسلّط والحاكم المتسلّط والنخبة المتسلّطة. وتتم هذه القولبة من خلال مؤسسات التنشئة المتسلّطة ومؤسسات التربية والتعليم المتسلّطة ومؤسسات الثقافة ومؤسسات الإرشاد الديني، ومؤسسات الإدارة العامة تحت أنظمة الحكم المطلق والدكتاتوريات والأحزاب النخبوية التي تعمل على دوران الأكثرية في فلك أشخاص النخبة المتسلّطة، في الوقت الذي تُقَدَّم فيه هذه النخبة كمعصومين من الخطأ ومانحين للحياة وصنّاعٍ للتاريخ. هذه التربية ليس فيها صفة التجديد، لأن هدفها إبقاء العقل والإرادة أسيرين للتربية الكلامية والإطناب في اللغة، تفتقر إلى التحليل والبحث والابتكار، وهي ليست تنظيرية بل هي لغو كلامي تُقولِب العقول وتشكل الاتجاهات تبعاً لما تقتضيه النخبة الحاكمة أو الطامعة.

     التربية في ظل اي نظام استبدادي  فقيرة إلى التجديد لأن الأساليب المستعملة في مؤسساتها لا تشجِّع مناقشة الموضوع والجدال فيه، وإنما تحترم إلقاء الخُطَب والمحاضرات، ولا تشجِّع العمل مع المُتعلِّمين والناس العاديين، بل تشجِّع الاشتغال بهم وتفرض عليهم نظاماً صارماً يجبرهم على التكيّف طبقاً له. لذلك فإن النظام التربوي الذي تطبِّقه الأسرة والمدرسة والجامعة والأحزاب السياسية والجماعات الإصلاحية لا يُعِدّ الناس للتكامل والمشورة والعمل الجماعي، التربية عندنا لم تدخل طور الولاء للأمة أو للعصر، بل مازالت في طور الولاءات السياسية، وعن هذه الثقافة تنتج المضاعفات المَرَضيّة في ميادين السياسة والإدارة والاقتصاد والعسكرية والتشريع وغيرها.

_ التربية خلال النصف قرن الماضي :

– فقيرة إلى التجديد بسبب قصورها عن المستوى المطلوب في الكم التربوي، من حيث عدد المؤسسات التربوية سواء جامعات ومدارس ومعاهد. وقصورها من حيث النوع التربوي، وذلك من خلال محتوى المناهج التربوية التي لا تركّز على حاجات العصر وتحدّياته، ولا تستثمر خبرات الماضي والاجتهاد في اكتشاف تحدّيات المستقبل، بل يقتصر محتواها على تجنّب مناقشة الحاضر والعيش في الماضي.

_ فقيرة إلى التجديد وعاجزة عن إخراج الإنسان القادر على دخول التاريخ والمشاركة في صنع أحداثه ومنجزاته لأنها تفتقر إلى المثل الأعلى الذي يستحثّ المُتعلِّم لاستخراج ما لديه من المقدرات العقلية والجسدية والنفسية، المثل الأعلى في السلوك والعلاقات الاجتماعية التي تُؤثِر الصالح العام على المصالح الفردية والأسرية والعصبية. لقد أصبح الفقر التربوي في المثل الأعلى مَرضاً مُزمناً في واقعنا العربي عموماً، وزاده استعصاءً النفاق الثقافي والتربوي الذي صنع ومازال يصنع من القيادات والولاءات العصبية مثلاً أعلى للناشئة.

  • التربية :خاضعة لإيديولوجية حزبية سياسية ضيقة لذلك مناهجها ومعايير التقويم والقياس ومعايير اختيار المعلمين والمدرسين والإداريين والمسئولين التربويين معايير ضيقة وقاصرة تهدف لبناء رقم مطيع غير مبادر ينفذ دون مناقشة أو اعتراض أي رجل سلطة .أي النظام لا يسعى لبناء مواطن ايجابي وفعال.

– العمل لتحقيق الأهداف التربوية الملائمة لتراثنا وواقعنا  ولمنطق العصر وسماته .

تحتاج التربية التجديدية كي تحقق أهدافها؟ تحتاج إلى الديمقراطية الصحيحة، الديمقراطية وعياُ وسلوكاُ ومنهجاُ فالديمقراطية الصحيحة، هي الإطار الوحيد الذي يمكن أن تنجح فيه التربية التجديدية في إحداث التوازن بين القوى المحافظة والقوى المتطرّفة، وفي تحويل الاختلاف والتنازع إلى عامل بناء وتقدّم، وإتاحة الفرص لكلا القوتين بتبادل الحكم والقيادات الإدارية، وجعل المرجعية في بقاء حكومة أيّ منهما أو إسقاطها ومحاسبتها أو تحديد مسؤولياتها وتقييم سياساتها وممارساتها للناخبين أنفسهم أو إلى من يمثلونهم في مجالس النواب والمحاكم الكبرى والإعلام الحر الناقد لا الإعلام المُستأجَر المُصفِّق.

    ولإحداث الإصلاح والتجديد من الضروري البدء بإستراتيجية مرحلية ترتكّز على الميادين التربوية والفكرية والثقافية لتحقيق تنمية فاعليّة الإنسان من خلال التدرُّج في نموه الجسدي والعقلي والعاطفي حتى درجة النضج الإنساني، وتنمية الفاعلية عند الشعب من خلال تشكيل شبكة العلاقات الاجتماعية. ولتحقيق ذلك لابدّ من التركيز على نظم التنشئة والتربية العاملة، من حيث المراجعة الجريئة الواعية لنظم التربية وإعادة النظر في فلسفاتها وأهدافها ومؤسساتها وميادينها والطرق والأساليب المُتَّبعة فيها. ثم إعادة صياغتها لتكون قادرة على مواجهة التحدّيات وتلبية الحاجات القائمة في الحاضر.

    لابد من بلورة تصور شامل لتحقيق التكامل بين ممثلي: المعرفة، والقوة، والمال، لا إبقاؤهم في موقع التناقض، وبلورة تصور شامل لحقوق الإنسان بما يكفل له إشباع حاجاته الإنسانية الجسدية وحاجات الأمن وحاجات الانتماء، وحاجات التقدير، ليكون الدافع الأقوى في حياته لتحقيق الذات من خلال إنجاز ما تؤهّله كفاءاته وقدراته واستعداداته. والقضاء على الأمية التي تعانيها المؤسسات والجماعات بما فيها الحركات الإصلاحية، بكل أشكالها، أمية القراءة والكتابة، أمية الفهم والتفكير،أمية التنظيم، الأمية السياسية، الأمية العسكرية، الأمية الاقتصادية الأمية الثقافية وغيرها. فالأمية بمعناها المعاصر هي العجز عن التفكير العلمي والعجز عن تعلم الجديد.

ما المطلوب من النظام التربوي: لبناء دولة المواطنة، دولة سيادة القانون؟

 ما هو الدور الواجب القيام به والمطلوب من التربية والنظام التربوي:

1_ خلق الإنسان الحر الواعي القادر على إعطاء النقد وتقبله ومواجهة المشكلات.

2_ غرس حبّ العمل والاعتماد على النفس وتشجيع المبادرة والإبداع.

3_ توفير المهارات والمعارف التي تتطلّبها التنمية وبخاصة القدرات الإدارية.

4_ تطوير التعليم الفني المتخصّص ودمجه في مسارات التعليم، وربطه بخطط التنمية، بدون فقدان التركيز وجودة النوع.

7_ تكوين الاتجاه نحو المواطنة والانتماء للأرض والتراث.

8_ تكوين ملكة التفكير والتأمُّل بدلاً من الحفظ والاستدعاء الآلي للمعلومات.

9_ إعادة تأهيل المعلمين وتحسين اختيار وإعداد المرشحين منهم مستقبلاً.

10_ ديمقراطية الإدارة واتساع مفهومها من التسيير والتسلّط إلى التسيير والتطوير.

11_ قيادة المجتمع في المسائل الخلافية مثل التقاليد والعادات.

12_ دفع الطالب وتوجيهه للتعليم الذاتي.

13_ منح حريات كافية للبحث وتبادل الفكر لخلق الإنسان الواعي والمدرِك والديمقراطي.

14_ دعم ثقة الطالب بنفسه وتمكينه من الموضوعية ومعرفة قضايا عصره ومشكلات مجتمعه.

15_ تشجيع التسامح مع الأفكار المخالفة وتعزيز القدرة على التكيف.

16_ تعميم التعليم ومحو الأمية والتركيز على الإناث وعلى القاطنين خارج المدن.

17_ تقريب المناهج وإيجاد أجزاء مشتركة بينها في المواد الاجتماعية والإنسانية.

18_ اعتماد مبدأ التكامل في مؤسسات التعليم وبخاصة المكلف منها مثل التعليم العالي والفني.

19_ تطوير أساليب التقويم وجعلها ملائمة لأهداف التربية بأنواعها ومستوياتها المختلفة.

20_ التركيز على تطوير المرحلة الابتدائية لضمان تيسير التحسين والتطوير للمراحل اللاحقة.

21_ التركيز على البحوث التربوية العملية وتحويل نتائجها للمناهج وطرائق التدريس مباشرة.

22_ تقدير العمل اليدوي واحترامه والتعود على ممارسته في المدارس.

23_ الرفع من سوية التعليم العالي وتفريعه وضبط التوجيه لفروعه المختلفة حسب الحاجة. أي (ضرورة تطوير مؤسسة التعليم الجامعي، لِما لها من دور في تزويد المجتمع بفريق كبير من المثقفين)

24- إعادة النظر في النظام التعليمي الحالي، لتغيير مضمونه بما يتّفق مع هدف تخريج قاعدة ثقافية يبرز منها طليعة مثقفة تقود المجتمع. حيث أنّ على الإدارة السياسية مراجعة سلوكها اللا تربوي، والكفّ عن السّطو على التقاليد التربوية التي قدّسها التاريخ البشري، وأن تتعلَّم من التجارب الإنسانية، وأن توقِّف التدخّل الأمني بالشأن التربوي ليصبح القرار من داخل المؤسسة التربوية، وأن تُفتح هذه المؤسسة للنقد والتغيير والمراجعة التربوية.

25_ العلاقة بين المثقف والسلطة لا بدّ أن يحكمها طبيعة الدور المُلقى على عاتق المثقف، وهو أن يكون وسيطاً بينها وبين الجماهير المحكومة، وأن يستهدف الجماهير بعمله لا السلطة. وعليه الابتعاد عن دائرة السلطة كي يظلَّ في حصنه يؤدّي وظيفته دون أن ينخدع ببريق السلطة فيفقد دوره كمثقف، وعليه ألاّ ييأس.

26_ أن يقوم أساتذة الجامعات بدورهم كطليعة مثقفة، لأنّهم بحكم مسؤوليتهم عن غرس القيم في أجيال الشباب والتأثير فيهم، لذا عليهم أن يكونوا قدوة طيبة ونزيهة في تعليم الأجيال الفكر العلمي التحليلي النقدي، وغرس مفهوم التضحية ونكران الذات. فبذلك فقط تصبح الثقافة متطوّرة ومعبِّرة عن مستوى التطوّر الاجتماعي، ويصبح المثقف فاعلاً، آخذاً دوره متحرّراً من الخوف، قادراً على إعلان رأيه بصراحة، وليكن لنا بسقراط وأفلاطون وأرسطو ويوحنا بن ماسويه وابنَ رشدٍ وغيرهم مثلاً على ذلك.

27_ هذا النظام التربوي الجديد، هو ومؤسساته التعليمية، عليهم خلق فلسفة تربية أخلاقية تعالج أزمة النضوب والعقم التي تعانيها المجتمعات العربية، وتعمل على تثقيف الفرد بشكل متكامل لمجتمع قادم يسهم الفرد فيه بفعالية هذا التثقيف، في حلِّ تناقضاته الاجتماعية ومختلف الخيارات التي تواجهه في كل مناحي الحياة.

28_ أن تكون أهداف التربية:

أ _ التعليم من أجل الإنتاج.

ب _ التعليم من أجل بناء المجتمع وتنميته.

ج _ إضفاء الطابع الديمقراطي على التعليم، لإفساح المجال للتحقيق الكامل لمواهب الأطفال والشباب الموهوبين.

د _ خلق الشعور بالوحدة الثقافية وبناء الهوية الثقافية، مع إبراز التوازن مع الطابع الإنساني.

29- كل ما سبق لا يتحقق إلا بمبدأ استقلالية التربية بأنظمتها ومناهجها وخططها عن الحزبية والإيديولوجية، وتعلقها فقط بفلسفة التربية ومدارسها والتطورات العلمية والتكنولوجية والمنسجمة مع تحقيق العدالة والمساواة المتناغمة مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان .

إعداد الأستاذ سليمان الكفيري

Scroll to Top